الفقرة الرابعة: مداخلة أ. محمد حيدر
إن الإبقاء على تفسير الدستور اللبناني بوجهة نظر سياسية من قبل الفرقاء بالمعنى الكلي أو النسبي يشكل عاملاً اساسياً من عوامل أزمة الحكم وأزمة النظام.
فلقد وقع الاختلاف على تفسير نصوص ومواد دستورية فيما مضى من الايام، وبالتأكيد ستطرح إشكاليات في المقبل أيضاً من الأيام ليس أقلها:
1. نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ومدى تأثير الكتل النيابية الضاغطة الناخبة او المعطلة في آن علبى دوره كحكم.
2. دور رئيس الجمهورية في تسمية رئيس الحكومة والتوقيع على مرسوم تأليفها في النظام البرلماني وتحديد شكلها: جامعة، حيادية، تكنوقراط،..
3. حق النواب في تفويض رئيس الجمهورية في تسمية رئيس الوزراء في سياق الاستشارات النيابية الملزمة.
4. مدى فعالية صلاحية رئيس الجمهورية في ترؤس مجلس الدفاع الأعلى والتبعية السياسية لرؤساء الاجهزة الامنية.
5. مدى وجوبية تعديل الدستور او مدى وجوبية الالتزام بالشروط المنصوص عليها في المادة 49/منه عند وقوع الفراغ وهل نصبح في حل من مهلة السنتين المانعة من الترشح بالنسبة لبعض الوظائف.
هذه الأسئلة والإستفسارات هي أسئلة متمادية في الزمن و التعديلات الدستورية موضوع القانون الدستوري رقم 18/1990 المنبثقة عن وثيقة الطائف للوفاق الوطني اللبناني والتي وردت في نفس السياق لبعض الوثائق والمبادرات التوفيقية التي سبقتها .
لقد جاءت الوثيقة التي شكلت نواة حقيقية لتعديلات دستورية أكثر تطوراً حيث تضمنت مزيداً من الأحكام التفصيلية والإصلاحية لإرساء مفهوم التعاون بين السلطات من خلال وجوب التنسيق فيما بينها ووضع الضوابط الضامنة لاستمراريته.
وعلى ما قاله
أستاذي الدكتور /أحمد سرحال
:اعيد إجلاس النظام البرلماني على قاعدته بعدما كان مقلوباً على رأسه.
إنها وثيقة لم تسعى إلى نسف الركائز الدستورية والنظام، وانما إلى تعديله (خاصة في المواد 17 و 24 – مؤقتاً ولمرة واحدة – 30-44-52-55-56) وتعيد له حيوية التوجه البرلماني بإضافات يستعيدها هذا الاخير (مثلاً الفقرة الخاصة برئيس مجلس الوزراء) ويمكن لها أن تشكل مرحلة إطمئنان كل من "اللبنانيين الى مصيره".
ولقد علّق القول بصحة هذه الخلاصة او خطئها على عاملين:
- إتاحة الفرصة للسير حتى النهاية بتطبيق الوثيقة ،
- كيفية التعامل بين السلطات حيث ان الحكم ليس مجرد نص انما التعامل وممارسة ايضاً.
فالمبدأ هو التعاون بين السلطات وتوازنها ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء يشاركون ويحكمون ولكن دون معرفة حدود وصلاحية كل شريك. وكان يمكن لإصرار كل من رئيس المجلس ورئيس الحكومة على استعمال صلاحيته الدستورية كافة ان يشكل دليل عافية في إطار المنافسة الديمقراطية السليمة. بيد ان الخطر في ظل الخلافات المتفاقمة ولعبة المصالح والطائفية والمذهبية ان تهتز الأوضاع السياسية من جديد ويطاح بكل ما تم تحقيقه في مسيرة السلام الوطني حتى الان.
ثالثاً: صلاحيات رئيس الجمهورية الواردة في وثيقة الطائف
رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يسهر على إحترام الدستور والحافظة على إستقلال لبنان ووحدته وسلامة اراضيه وفقاً لأحكام الدستور وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء. ويمارس الصلاحيات الاتية:
1- يترأس مجلس الوزراء عندما يشاء دون ان يصوت .
2- يرئس المجلس الاعلى للدفاع.
3- يصدر المراسيم ويطلب نشرها وله حق الطلب الى مجلس الوزراء إعادة النظر في اي قرار من القرارات التي يتخذها المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إيداعه رئاسة الجمهورية. فإذا اصر مجلس الوزراء على القرار المتخذ او انقضت المهلة دون إصدار المرسوم او إعادته يعتبر المرسوم او القرار نافذاً حكماً ووجب نشره.
4- يصدر القوانين وفق لمهل المحددة في الدستور ويطلب نشرها بعد إقرارها في مجلس النواب كما يحق له بعد إطلاع مجلس الوزراء إعادة النظر في القرانين ضمن المهل المحددة في الدستور وفقاً لأحكامه ، وفي حال انفضاء المهل دون إصدارها او إعادتها تعتبر القوانين نافذة حكماً ووجب نشرها.
5- يحيل مشاريع القوانين التي ترفع اليه من مجلس الوزراء الى مجلس النواب.
6- يسمي رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً الى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها.
7- يصدر مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء منفرداً.
8- يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة.
9- يصدر المراسيم بقبول استقالة الحكومة او استقالة الوزراء او إقالتهم.
10- يتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالإتفاق مع رئيس الحكومة ولا تصبح نافذة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. اما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها الا بعد موافقة مجلس النواب.
11- يوجه عندما تقتضي الضرورة رسائل الى مجلس النواب.
12- يدعو مجلس النواب بالإتفاق مع رئيس الحكومة عقد دورات استثنائية بمرسوم.
13- لرئيس الجمهورية حق عرض أي أمر من الأمور الطارئة على مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال.
14- يدعو مجلس الوزراء استثنائياً كلما رأى ذلك ضرورياً بالإتفاق مع رئيس الحكومة .
15- يمنح العفو الخاص بمرسوم.
16- لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامة بوظيفته الا عند خرقه الدستور او في حال الخيانة العظمى.
لم تشكل هذه النصوص حائلا " دون التأزم السياسي ولم تكن كافية للاجابة على الاسئلة المطروحة واعطاء التفسير الصحيح للدستور للحؤول دون التعطيل عند كل استحقاق، بفعل الاختلاف في التفسير
وكأن من اسقط عن المجلس الدستوري صلاحية تفسير الدستور في المادة 19/منه بعدما نصت عليها وثيقة الطائف كان راغبا" بعدم ايجاد حلول ،،،،
وكي لا نذهب الى ورشة تعديلات دستورية قد يسميها البعض مؤتمر تأسيسي، وهو بالواقع لا زال غير مستساغ اذ يعتبره البعض مساسا" بالصيغة فلنعطي على الاقل للمجلس الدستوري صلاحية تفسير الدستور لا سيما لجهة ما اتصل بممارسة الرئيس للحكم.
|