االفقرة الثالثة: كلمة رئيس الجامعة اللبنانية د. عدنان السيد حسين
ترحب رئاسة الجامعة اللبنانية بهذا المؤتمر للبحث في صلاحيات رئيس الجمهورية، وتتمنى الخروج بتوصيات أساسية ومفيدة للدارسين والممارسين من أهل الحكم. خاصة وأن وطننا يمرّ في ظروف صعبة، بعضها ذاتي يتعلَّق بدولتنا وما يعتورها من صعوبات وتحديّات، وبعضها خارجي يرتبط بعواصف الشرق الأوسط التي تضرب لبنان وطناً ودولة.
رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة بالنص الدستوري. وهو الذي أقسم اليمين دون غيره من المسؤولين على سلامة الوطن وتطبيق أحكام الدستور.
وعليه، فإن رئيس الجمهورية اللبنانية يبقى المسؤول الأول في الدولة اللبنانية وعنها، ذلك على الرغم من التعديلات الدستورية التي قلَّصت بعض صلاحياته بفعل اتفاق الطائف للوفاق الوطني.
وحتى يتمكن رئيس الجمهورية من ممارسة هذه المسؤولية- على جسامتها- نرى ضرورة تدخله إذا ما تهدّدت وحدة البلاد، أو تهدّد أمنها بحرب أهلية محتملة. أو إذا لم تستطع الحكومة السيطرة على الأوضاع العامة في البلاد، وإدارة شؤون الحكم.
نقول حتى يُمكن لرئيس الجمهورية وضع حدٍ للإنهيار الوطني، وليبقى المرجعية الوطنية الأعلى دون الحاجة لاستجداء الحل إقليمياً أو دولياً، نرى بعض الإصلاحات التي نطرحها شخصياً دون أن تقيّد مؤتمركم:
1- تمكينه من حل مجلس النواب لإعادة إنتاج السلطة السياسية وفق ضوابط دستورية يجدر تحديدها، ذلك أن الصيغة الدستورية الحالية لحل مجلس النواب تكاد تكون مستحيلة التطبيق.
2- منح رئيس الجمهورية صلاحية طرح الثقة بالحكومة أمام مجلس النواب بتعليل واضح إذا ما قصَّرت في القيام بمهامها الأساسية، كحالة عدم إنجاز الموازنة العامة على سبيل المثال لا الحصر. واللافت هنا أن أية حكومة لم تسقط أمام مجلس النواب لا قبل الطائف ولا بعده!
3- تطبيق المادة 95 من الدستور لجهة إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي في الوظائف العامة، والشروع بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية. والطائفية بجميع أشكالها ومضامينها تناقض المادتين السابعة والثانية عشرة من الدستور، ولا يستطيع رئيس الجمهورية- والحال هذه- من ممارسة صلاحياته والقيام بدوره كما هو مأمول إذا ما استشرت الطائفية والمذهبية بما يُناقض الدستور والتشريع العام.
4- اعتماد النظام النسبي في الإنتخابات البرلمانية، وتوسيع الدائرة الإنتخابية كما قضى اتفاق الطائف، لا كما جرت مخالفته في قوانين الانتخابات النيابية منذ العام 1992. ومن الأفضل والأضمن اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، ممّا يُشجّع على قيام الأحزاب والتكتلات الوطنية العابرة للمناطق والطوائف. يُمكن لرئيس الجمهورية أن يدفع بهذا الإتجاه بالإستناذ إلى إرادة مدنية عند اللبنانيين بعد المحن التي نزلت بنا وما تزال.
5- ثمة حاجة لإجراء تعديلات دستورية حصرية تتعلّق بالمهل المعطاة لرئيس الجمهورية، حيث لا يجوز تقييده فيما لم تقيّد المهل المعطاة للوزير (تعديل المادة 56 من الدستور).
وقد تحتاج المادة 49 من الدستور للتوضيح لجهة توفير نصاب ثلثي مجموع النواب عند انتخاب رئيس الجمهورية.
وإذ يصعب الوصول إلى صلاحيات حاسمة لرئيس الجمهورية في نظام طوائفي، لذلك كانت المحاولة الدائمة للجمع بين الصيغة اللبنانية التوافقية- الطائفية والنظام السياسي. وربما يكون الحل الأفضل في اعتماد نظام رئاسي قائم على الأسس الآتية:
- إنتخاب رئيس جمهورية من الشعب،
- اعتماد نظام نسبي للإنتخابات العامة في دائرة واحدة على مساحة الوطن،
- وضع قانون للأحزاب السياسية من خارج القيد الطائفي،
- تشجيع اللامركزية الإدارية دون الوصول إلى الفيديرالية الطائفية التي تعني إسقاط الدولة اللبنانية.
أما حماية الأقليات فلا تكون بالإمتيازات الطائفية بل بالمواطنة الحقّة، والمساواة بين المواطنين اللبنانيين في إطار الحريات العامة وحقوق الإنسان. ولا يجوز لأحد من اللبنانيين أن يسأل أي وطن نريد، ذلك لأن الإجابة موجودة في مقدمة الدستور وحسبنا أن نقرأ ونعتبر.
|