افتتح عميد المعهد العالي للدكتوراة في الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفيسور محمد محسن سلسة النشاطات الاكاديمية والبحثية التي تنظمها الفرقة البحثية للغة الفرنسية وآدابها ضمن برنامجها السنوي للعام 2023 واستهلها بكلمة افتتاحية عن محاضرة تحت عنوان: "التحولات الجيوبوليتكية المعاصرة على الصعيد العالمي" التي القتها المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية الدكتورة فاديا كيوان وحضرها طلاب المعهد في كافة فروعه وعدد من الأساتذة من مختلف الجامعات.

وتحدثت الدكتورة ريما مولود رئيسة الفرقة البحثية للغة الفرنسية عن اهمية الموضوع الجيوبوليتيكي في ظلّ التحولات الاجتماعية والاقتصادية والتغيرّات المناخية التي نشهدها حاليا معتبرة ان جوهر الطروحات السياسية والاستراتيجية يرتكز على قاعدة وحدة المعرفة الابستمولوجية بمناهجها وأدواتها العلمية

والانسانية.

بداية استهلت الدكتورة كيوان محاضرتها بالتعريف بالمصطلحات والمفاهيم بتفسيراتها وتأويلاتها، موضحة معنى التحولات وبخاصة الجيوسياسية وانعكاساتها على العلوم الانسانية والاجتماعية، مستندة في ذلك الى منهج التفكيك المعتمد كمنهجية جديدة للعمل العلمي بناء على البداهة اليقينية كانطلاقة تأسيسية في المنهج الجديد، موجهة الطلاب والاساتذة والباحثين لقراءة التقرير السنوي الصادر عن (conseil mondial sur l’état des sciences humaines) عن احوال العالم على المستوى الاستراتيجي لما له من اهمية فهو يطلعنا على مجريات العالم

والتحولات والتحديات.

وهي اذ تدعو الى التحرر من النمطية مذكّرة بالمؤتمر العالمي الأول الذي عُقد في لياج (Liège) بلجيكا في العام 2016 مشددة على حاجة العلوم بكافة أشكالها وأنواعها للعلوم الانسانية، سيّما وان التداخل في ما بينها (interdisciplinarité) يشكل الركيزة الجوهرية والاساسية لبناء معرفة يقينية عمادها العلم والقيم الاخلاقية والثقافية لخلق مستقبل افضل للإنسان والانسانية، مستندة في ذلك لبراهين وأمثلة مستقاة من تفكيك الفكر النمطي الذي يظهر محدودية تطور قدرة المرأة وتمكينها، مشيرة الى علوم الطبيعيات في البيولوجيا ودوره في الوصول بالإنسانية الى تنمية الشبكات في الخبرة والممارسات وهي سمة مشتركة بين دماغ المرأة والرجل.

وبرأي الدكتورة كيوان ان المجتمعات المعاصرة اليوم في حالة طفرات وتحولات من الأحادية القطبية التي لم تستمر طويلاً لتتبعها الثنائية (الروسية-الصينية) ثم الأحادية مرة ثانية فالقطبية هذا التأرجح في الطفرات والتحولات والتبدلات فرض بداية الغاء الحدود بين الدول، ولكن واقعا وفعليا، ومع وجود اللاجئين تنبهت الدول لحدودها فأعيد ترسيم الحدود بين الدول.

وهي اذ تشدد في نهاية حديثها على التعددية الثقافية في ما بين العلوم الانسانية والاجتماعية، محاولة الغاء الحدود التي تؤطر كل علم وتجعله منغلقا على ذاته، بل المطلوب اليوم في الواقع المعاصر فتح العلوم والثقافات والمسارات على بعضها البعض خدمة للإنسان والانسانية.