عُقِد في جامعة المنار التونسية مؤتمر (العولمة والخصوصيات اللغوية) الذي شاركت فيه الجامعة اللبنانية بوفد من الأساتذة المختصين ترأسه رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين ضمّ كلاً من الدكتور غسان مراد ،الدكتور زاهي ناضر ، الدكتور جورج سعادة ، الدكتور ميلاد سعد ،الدكتورة لارا خالد ، الدكتور نديم منصوري ، الأستاذ فرحان صالح ، وحضر عددٌ كبير من أساتذة الجامعات التونسية.

استهل الإفتتاح بكلمة ترحيبية لمنسق اعمال المؤتمر الدكتور توفيق قريرة شرح فيها اهداف المؤتمر العلمية وما لهذا اللقاء من اهمية في دعم التعاون المشترك بين الجامعتين. وألقى بعدها الدكتور عدنان السيد حسين محاضرة تطرق فيها الى اثر الثورة المعلوماتية على الجامعات والتعليم العالي، وما لها من تأثير في تضاعف عدد الجامعات الخاصة التي اصبحت الشهادات الجامعية في كثير منها سلعة تجارية ادت الى تدني مستويات التعليم العالي مع ما يصاحبه من تراجع في التعليم العام. وقد تساءل عن التقاليد الاكاديمية والاخلاقية التي تتمتع بها الجامعات سابقاً وكيف تنشأ الان بسرعة من دون اية رقابة تذكر ومن دون اية دراسة لاستراتيجياتها التعليمية وجودتها واثرها على التنمية المستدامة.
 وبالنسبة للعلوم الانسانية والاجتماعية فهناك ضبابية وعدم رؤية لما يمكن ان تساهم به هذه الإختصاصات في سوق العمل حالياً، وارتباط ذلك بالتطور المعلوماتي. ورأى انه من الصعب تنمية شعوب امتنا العربية دون محو الامية المتفشية.
وقد اوصى السيد حسين بضرورة التعاون بين الجامعتين في المجالات العلمية والتربوية والثقافية وان يكون هذا التعاون مبنياً على عدة اسس اهمها اولاً "تقديس" العلم وذلك من خلال تطوير البحث والاهتمام بمناهج البحث العلمي وتطوير تدريسها بما يتلائم مع التغيُّرات الحديثة، وكذلك الاهتمام باللغة العربية كلغة تدريس ونشر علمي مع التشديد على ضرورة اتقان اللغات الاجنبية التي تعتبر من ركائز البحث ونشر المعرفة ؛ ثانياً، تطبيق القوانين التي تشجع على تطوير العلوم، وتحقيق الانتظام العام وتخطي النزاعات الداخلية، ثالثاً، احترام الهوية الوطنية بالسير نحو المواطنة الفاعلة بما يتيح مواكبة التطورات وعدم التفريط في الخصوصيات الثقافية. وختم بالتشديد على اهمية التعاون بين الجامعات العربية والاجنبية على الصعد كافة من تبادل الخبرات والمنشورات والبحث العلمي والتواصل بين الاكاديمين.

جاءت أعمال المؤتمر على ثلاثة أيام حيث تشكل من ثمان جلسات علمية .
حاضر فيها د. ميلاد سَعْد من الجامعة اللبنانية الذي شدد على اهمية المنهج لدمج تكنولوجيا المعلومات و الاتصال في بناء قاعدة معارف لمعلمي اللغة العربية  في العصر الرقمي. 
و تناول الدكتور زاهي ناضر موضوع أهمية تطوير العربية من خلال التربية ودعا الى التغيير في المناهج التربوية.
وتحدث الاستاذ فرحان صالح ، عن التوجه نحو ثقافة جديدة، ثقافة الكمبيوتر الذي يتجاوز تراث حَمّورابي و مُنجَزات غوتنبرغ. 
أما الدكتور غسان مراد فتحدث عن تأثير التقنيات المعلوماتية على النصّ حيث تناول موضوع  بعنوان "الأصوات المتشظّية". 
وكان محاضرة الدكتورة لارا  خالد عن جدلية اللغة بين الانحدار و التألق. وتحدث د. نديم منصوري عن أثر تكنولوجيا الاتصال في اللغة. 
وترأس الجلسة الأخيرة الدكتور جورج سعادة وحاضر فيها كل من د. محمد علي الكبسي من جامعة المنار ، المعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس، الذي تحدث عن إيديولوجيا العولمة، ومن ثمّ د. محمد الصحبي البعزاوي من كلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة، الذي تناول دور المؤسسات  الأكاديمية لتعليم العربية لغير الناطقين بها في عولمة اللسان.  
واختتم المؤتمر بالجلسة العلمية الثامنة التي ترأسها الأستاذ حَمّادي المسعودي من جامعة القيروان ، وتحدث فيها عدد من أساتذة الجامعات التونسية

وقد تمت الدعوة خلال المؤتمر الى المتخصصين في علوم التربية واللغة العربية القيام بأبحاث مشتركة لسبر معارف تلك العلوم والعمل على ربط علوم التربية الخمسة وتداخل معارفها في توليفةٍ واحدةٍ، كي لا تبقى علوماً منعزلةً؛ ما يسهّل على المعلمين قيد الإعداد امتلاك معرفتهم المتداخلة التخصصاتِ، والإفادة منها في حقل التعليم وإنتاج المعارف.
كما شدد المحاضرون على ان مستقبل اللغة العربية  في التعليم العالي يتوقف على:
- تطوير اللغة العربية وتحديثها من خلال خطة نهوض عربية تنطلق من عمل عربي مشترك او من خلال جهد عربي موحّد .
- العمل على تطوير العربية وتحديثها لتستوعب العلوم والتقنيات المعاصرة.
- الحفاظ على العربية من خلال عملية تأصيل وتمكين تعليمها.
- دور المؤسسات التربوية في تأهيل اللغة العربية والتمكن منها.
- احياء لجان او المؤسسات العربية التي تهتم بإصدار الموسوعات والمفاهيم العربية.
- اعطاء اهمية كبيرة لعمليات ترجمة وتعريب النتاج الفكري والتقني العالمي.
- عولمة اللغة العربية وعلمنتها وعمليتها.
- اعتبار اللغة العربية لغة تأهيل وتكوين واللغة الأجنبية لغة إغناء وتثقيف.
- التكيف مع العولمة مع التشديد على التمسك بالتنوع الثقافي واللغوي
- تدعيم العولمة الإنسانية التي تحافظ على التنوع الثقافي والخصوصيات اللغوية.
- التأكيد على دور الإعلام في تعزيز اللغة العربية الفصحى.
كما اوصي بمحاولة قراءة لواقع العربية وآفاقها في ضوء العولمة.
وقد تم تناول مواضيع تراعي المعطيات المتعلقة بالعربية وقضاياها وذلك للنهوض والعمل على تطويرها في ضوء التغيرات العالمية.

توصيات المؤتمر

وفي ضوء ما تقدّم، وبناء على تدارس مبدئي واستشراف لأسس التعاون بين الجامعتين، توصي اللجنة بما يلي:
1- يكون التعاون العلمي واالتربوي والثقافي بين الجامعتين مبنياً على تطوير الابحاث العلمية.
2- التعاون العلمي في مجالات الانسانيات والثفافة الرقمية.
كما توصي بالتعاون الاكاديمي في الامور الآتية:
- تبادل الاساتذة للتدريس (اساتذة زائرون وغيره).
- تبادل المنشورات العلمية، ورقية ورقمية.
- الاشراف المتبادل(المزدوج).
- التواصل الرقمي الممكن.
- افساح المجال امام الطلاب من أجل متابعة متبادلة في الماستر والدكتوراه.
- الزيارات الثقافية المتبادلة للاساتذة والطلاب.
- انشاء لجنة اكاديمية مشتركة لمتابعة تنفيذ التوصيات.
كل هذه التوصيات تكون في اطار اتفاقية بين معاهد وكليات الجامعتين من خلال ادارتهما المركزية.

         
                                                            بيروت في 29/4/2015
                                                               المكتب الإعلامي