وَيلٌ لِأُمَّةٍ تَأكُلُ مِمَا لا تَزرَعُ وَتَشرَبُ مِمَا لا تَعصِر،
كلمة قالها الأديب اللبناني العالمي جبران خليل جبران، ولا يزال صداها عالقًا في الأذهان ويتردد على مسامع اللبنانيين منذ أجيال. القطاع الزراعي الذي يُشكل منذ القدم العامود الفقري للنظام الغذائي البشري يواجه يومُا بعد يوم تحديات جديدة، من تلوث بيئي وتصحر واحتباس حراري وشح في الموارد المائية واللائحة تطول، ومع كل ذلك بات من الضروري وضع سياسات زراعية جديدة لمواجهة هكذا تحديات.
وأمام الحاجة إلى وجود صرح علمي أكاديمي وبحثي يُعنى بشؤون القطاع الزراعي على تنوعه في لبنان، كان إنشاء كلية الزراعة في بداية سبعينيات القرن الماضي بموجب المرسوم رقم 9306 تاريخ 21/10/1974 لتكون واحدة من أوائل الكليات التطبيقية في الجامعة اللبنانية وبوشر التدريس فيها مطلع العام الجامعي 1985 – 1986.
في نهاية العام السادس والثلاثين من مسيرتها، تُؤكد الكلية عبر خريجيها دورها الريادي في إعداد مهندسين زراعيين وأطباء بيطريين ذوي كفاءة عالية على المستوى الأكاديمي والبحثي والميداني.
في كلية الزراعة فرعان أساسيّان هما فرع العلوم الزراعية وفرع العلوم البيطرية، وهي تفخر بكونها حاليًّا الكلية الوحيدة في لبنان التي تُخرّج أطباء بيطريين.
ويضم فرع العلوم الزراعية على اختصاصات الاقتصاد الزراعي، الهندسة البيئية والموارد الطبيعية، تنسيق الحدائق، علوم وتكنولوجيا الغذاء، علوم وتكنولوجيا الحيوان، وقاية النبات والإنتاج النباتي، فيما يضم فرع العلوم البيطرية اختصاصات طب الحيوانات المنزلية الأليفة، طب حيوانات الإنتاج والمزرعة ومراقبة الجودة للمواد الغذائية ذات الأصل الحيواني.
كما يُشكل مركز غزير التابع للكلية ركنًا أساسيًّا في التدريب الميداني للطلاب، فيُصار من خلاله إلى تطوير المعارف الزراعية والبيطرية وترسيخ المهارات المكتسبة، وما أكثرها.
سعت كلية الزراعة منذ إنشائها إلى تعزيز علاقاتها بكبرى المؤسسات الأوروبية والدولية بُغية توسيع آفاق الاختصاصات الحديثة الزراعية منها والبيطرية والتي يصعب تأمينها في لبنان، فشكل هذا التعاون قيمة مضافة لا يُستهان بها، وفي هذا السياق، يُتابع عدد من الخريجين دراساتهم العليا في الجامعات الأوروبية أو يعملون في مؤسسات زراعية وبيطرية في الخارج، كما وترفد الكلية القطاعين العام والخاص في لبنان بخريجيها فتبوأ بعضهم مناصب رفيعة أو تسلّم إدارة شركات تُعني بالزراعة والتنمية.
إن الاهتمام بالزراعة كان ولا يزال يتمثل بالعودة إلى الجذور وإلى الأرض الطيبة، إلى البيئة السليمة وإلى الوطن والإنسان، وصدق من قال يومًا: "فلاح مكفيّ سلطان مخفيّ".
ختامًا، لا بُد من توجيه كلمة شكر وامتنان إلى كل من عمل ويعمل جاهدًا لإنجاح كلية آمن بها، والارتقاء بها وبالجامعة اللبنانية، الجامعة الأم، إلى أعلى المستويات.
نادين إلياس ناصيف
|